الطاقة.. تحديات وجدل حول المصادر البديلة
2011-07-07
الطاقة.. تحديات وجدل حول المصادر البديلة
عمان نت
07 / 07 / 2011
عقد مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بالتعاون مع الجمعية العلمية الملكية ومعهد الشرق الأوسط العلمي للأمن، ندوة من سلسلة الحوار الأكاديمي في الأردن بعنوان “مستقبل الطاقة في الأردن: التعرّف على الخيارات المتجددة والنووية”، بهدف تعريف المجتمع المحلي من الأكاديميين، والباحثين، والمهتمين بقضايا الطاقة عبر استعراض وجهات نظر مختلفة لعدد من الباحثين في هذا المجال.
وقدّم الدكتور أيوب أبو ديّة، رئيس جمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة، ورقة بعنوان “مصادر الطاقة المتاحة: إيجابيات وسلبيات”، تتمحور حول التنوع في مصادر الطاقة؛ من مصادر غير متجددة للطاقة مثل: الفحم، والنفط، والغاز، ومصادر متجددة ونظيفة للطاقة مثل: الرياح، والشمس. ومصادر متجددة للطاقة وغير نظيفة مثل: الطاقة الحيوية، والهيدروجين، ومصادر غير متجددة وغير نظيفة مثل: الانشطار النووي لليورانيوم.
وأشار الى ضرورة الأخذ بالحسبان خصوصية العالم العربي وخصوصية الأردن، من منطلق أن البحث عن مصادر الطاقة مرتبط بالأساس بنظريات الواقعية والاستدامة للطاقة، وكذلك بحجم الضرر والتلوث الذي تنتجه تلك المصادر.
واستهل ورقته بفكرة أساسية هي أن كميات اليورانيوم الموجودة في الأردن ليست ذات ديمومة، كما أن معضلة استخدام الطاقة النووية في الأردن تتمثل في أن تركز اليورانيوم ليس مجدياً؛ فقد أظهرت العينات التي أخذت من مواقع مختلفة من الأردن أن تركز اليورانيوم يصل الى 7.4 جزء بالمليون، إضافة إلى الحجم الهائل من التلوث الذي ينتج عنه.
وتطرق إلى المخاطر الإشعاعية للطاقة النووية التي تمثلت في: مليون إصابة نتيجة لمفاعل تشرنوبل، وفي السياق نفسه ما حدث في فوكوشيما، إذ تم إجلاء 200.000 نسمة من دائرة قطرها 20 كيلومتراً. كما نتج عن الإشعاعات النووية ارتفاع واضح في نسب الإصابة بمرض السرطان، إذ أظهرت أحدث الدراسات لأثر المفاعلات النووية في ألمانيا العام 2008على صحة المواطنين أن هنالك علاقة طردية بين وجود المفاعلات النووية وبين نسب الإصابة بالسرطان. وأشار إلى أن أكثر ما يميز التلوث الإشعاعي النووي هو سهولة انتقاله عبر الماء والهواء.
وذكر أن إقامة أي مفاعل نووي في أي منطقة من مناطق الأردن هو أمر مرفوض حتى لو تم استخدام الجيل الثالث من المفاعلات، على اعتبار أن تلك المفاعلات تنتج تلوثاً كبيراً، ومن منطلق أن الأردن يتوفر لديه بديل ذو كفاءة عالية جداً يتمثل في مصادر الطاقة البديلة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، التي تتمتع بأنها طاقة نظيفة، ومجانية، ومتجددة، فالدراسات تشير إلى أن طاقة الرياح هي أقل أنوع الطاقة تكلفة.
كما قدّم المهندس محي الدين طوالبة، من المركز الوطني للبحث والتطوير وبرنامج بحوث الطاقة، ورقة بعنوان «الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة ». تحدّث فيها عن الطاقة، وبالأخص في الأردن، إذ بين أن % 96 من استهلاك الأردن للطاقة يعتمد على النفط المستورد، في المقابل، فإن أقل من % 1 فقط من استهلاكه يعتمد على الطاقة المتجددة، وبالتحديد الطاقة الشمسية.
كما أوضح أن استهلاك الطاقة الكهربائية في الأردن هو بازدياد، وعليه، فإن هنالك ضرورة للبحث عن مصادر بديلة للطاقة.
وتحدّث طوالبة عن الاستراتيجية الوطنية للطاقة في الأردن التي تهدف إلى زيادة مساهمة الطاقة المتجددة لتصل إلى % 7 في العام 2015 ، و% 10 في العام 2020 .
وفي هذا السياق، بين طوالبة السياسات المتبعة في الأردن لمواجهة الاستهلاك المتزايد على الطاقة؛ أهمها سياسة ترشيد استهلاك الطاقة، وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة، وإعفاء الحكومة لضريبة المبيعات والرسوم الجمركية للأدوات والآلات التي تستخدم الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى صندوق ترشيد استهلاك الطاقة والطاقة المتجددة، ولكن ذكر أن قانون الطاقة المتجددة في الأردن بحاجة إلى الكثير من التشريعات قبل البدء في تطبيقه.
وفي مجال القدرة على استغلال الطاقة المتجددة، أكد طوالبة أن في الأردن مساحات واسعة واعدة لاستخدام طاقة الرياح، لكن يجب توفير البيئة الأرضية الصالحة لتشجيع المستثمر في هذا المجال، إذ من المتوقع أن توفر طاقة الرياح 1200 ميغا واط. أمّا في ما يختص بالطاقة الشمسية، فمن المتوقع أن توفر الطاقة الشمسية 600 ميغا واط، وبخاصة أن الأردن دولة غنية بالطاقة الشمسية بقدرة توفير 7 كيلو واط للمتر المربع في اليوم الواحد.
وأشار إلى مشاريع الطاقة المتجددة في الأردن، مثل مشروع شمس معان الذي ما زال في بداية مراحله، وبالإضافة إلى توافر المناطق المولدة للرياح مثل: إربد؛ وعجلون؛ وجرش؛ والكرك؛ والطفيلة؛ ومعان؛ والفجيج، إذ إن لدى هذه المناطق قدرة على تغطية احتياجات الأردن للطاقة من خلال طاقة الرياح فقط.
كما ذكر أن المركز الوطني للبحث والتطوير وضع 18 برجاً لقياس سرعة الرياح في مناطق مختلفة في الأردن لخدمة المستثمر في هذا المجال. وأكّد على توافر الطاقة المتجددة في الأردن، لكن المشكلة هي في غياب الإرادة بالتوجه للطاقة المتجددة.
فقد أشار إلى أن استخدام الطاقة الشمسية كان موجوداً في السبعينيات، وفي العام 1992 كانت نسبة انتشار استخدام السخانات الشمسية % 25 ، في حين انخفضت إلى % 11.8 في العام 2010 وذلك حسب تقارير الإحصاءات العامة.
وأوضح أن أهم استخدامات الطاقة الشمسية في مجال ضخ المياه، وأبراج الاتصالات، والتبريد والتسخين، وتحلية المياه، كما ذكر أن الطاقة الشمسية تستخدم في محطات الأمن على الحدود الأردنية، كما أنها تساهم جزئياً في تبريد مبنى فندق البحر الميت العلاجي.
أمّا في ما يتعلّق بضرورة ترشيد استهلاك الطاقة؛ فقد أشار طوالبة إلى أن هنالك هدراً في استهلاك الطاقة في الأردن، إذ إن عدد السكان 5.5 مليون نسمة بمعدل مرتفع لاستهلاك الطاقة بالمقارنة مع الدول الأخرى، بصرف النظر عن عدد السكان.
ففي الدنمارك تتراوح نسبة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بين 25 –% 30 ، كما أن معدل استهلاك الطاقة ثابت منذ الثمانينيات، في حين أن الناتج القومي المحلي GDP هو في ارتفاع.
وأكد حقيقة أن هنالك هدراً كبيراً للطاقة في الأردن، وأنه من الممكن توفير استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى % 20 في القطاع التجاري، و % 28 في القطاع الصناعي، مشيرا إلى أن الفنادق في الأردن، وبالمقارنةً مع الفنادق في الدول المجاورة، تستهلك طاقة بنسب مرتفعة، بخاصةً بين تلك الموجودة في العقبة مقارنةً مع فنادق شرم الشيخ وطابا.
واختتم ورقته بالتركيز على أنه إذا تم اتّباع طرق ترشيد استهلاك الطاقة واللجوء إلى الطاقة المتجددة، فسيوفر الأردن ما قيمته 620 مليون دينار من فاتورة استهلاك الطاقة سنوياً.
وأكد المهندس محمد الطعاني، مدير عام الجمعية الأردنية للطاقة المتجددة، في ورقته بعنوان “الطاقة المتجددة خيار استراتيجي للأردن”، على أهمية اللجوء إلى خيار استخدام مصادر الطاقة المتجددة بدلاً من مصادر الطاقة غير المتجددة.
هذه الأهمية تأتي من ارتفاع أسعار المصادر غير المتجددة التي تؤدي إلى أزمات سياسية واقتصادية.
وأكد الطعاني على ضرورة أن تكون الطاقة الخضراء هي مصدر الطاقة الوحيد في الأردن. وكون الأردن يستورد أكثر من % 95 من الطاقة من الخارج وتكلف موازنة الدولة أكثر من ملياري دولار سنوياً، فإن خيار الطاقة المتجددة هو خيار استراتيجي للأردن. يجب أن يكون الاعتماد الأكبر على مصادر الطاقة المتجددة التي أهمها الطاقة الشمسية. بالوصول إلى العام 2020 ستكون نسبة استخدام الطاقة المتجددة بين 20 – 10 %.
ولكن إدخال الطاقة المتجددة يواجه معوقات من أهمها التوعية، إذ لا توجد توعية للمواطنين والمستثمرين في مجال الطاقة المتجددة، ولا يوجد تركيز من جانب الإعلام على موضوعات الطاقة مقابل تركيزها على قضايا أخرى.
وركز الطعاني على ضرورة وجود لجنة وطنية لمراجعة قانون الطاقة المتجددة وحفظ الطاقة. ومن الحلول المطروحة أيضاً هو المطالبة برفع أسعار الكهرباء، وتنمية دور القطاع الخاص في تنمية مصادر الطاقة المتجددة.
وأشار الطعاني إلى أن خيار الطاقة النووية هو خيار متاح، لكن مع بعض التحفظات. هذه التحفظات ترجع الى أن الأردن بلد فقير في المياه، و الطاقة النووية بحاجة إلى كميات كبيرة من المياه لاستخدامها.
الحلول المطروحة تكمن في استغلال الرمال الزجاجية الموجودة في معان، والاهتمام بالثقافة الخضراء والاقتصاد الأخضر، والطاقة الخضراء، وإقامة معسكرات للبيئة.
وقدم الدكتور عبد الحليم الوريكات، مفوض العلوم النووية و تطبيقها ،هيئة الطاقة الذرية الأردنية ، خلال الجلسة الثانية التي حملت عنوان “الطاقة النووية”، ورقة بعنوان «الطاقة النووية في الأردن » أشار فيها إلى أنه قد بدأ استخدام الطاقة النووية سلمياً العام 1950 ، وأنه يوجد في العالم الآن 440 مفاعلاً نووياً في 32 دولة .
وذكر أن هنالك توجها في العالم العربي لاستخدام هذا النوع من الطاقة إذ وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة عقداً مع كوريا الجنوبية لبناء مفاعل نووي ، كما كشفت السعودية مؤخراً عن نية طرح عطاء لبناء 16 مفاعلاً بكلفة 100 مليار دولار.
أما في ما يخص الأردن، فأشار إلى أنه يسعى للحصول على الطاقة النووية للأسباب التالية:
1. أن % 95 من الطاقة في الأردن مستوردة.
2. أن الأردن ينفق % 20 من الناتج المحلي للحصول على الطاقة.
3. أن الأردن يعاني من شح المياه.
وبين أن ضمانات نجاح المشروع في الأردن هي وجود كميات اقتصادية من اليورانيوم. وقدرة الأردن على التعاون الدولي في هذا المجال، والتزام الأردن بشروط السلامة العامة و توافر الموصفات و الشروط العالمية. وأكد الدكتور عبد الحليم الوريكات على أن البرنامج النووي الأردني يلتزم بجميع قضايا الأمن وهو برنامج وطني سلمي.
أما فيما يختص بالتحديات، فيبن أنها تتمثل في زيادة الطلب على الطاقة؛ وندرة مصادر الطاقة التقليدية في الأردن؛ وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري؛ وشح المياه.
وحدد عوامل اختيار مصادر الطاقة بالتكلفة، والأمن و الأمان والديمومة.
كما أشار الوريكات الى أن إنتاج 1000 ميغاواط من الكهرباء أقل ما تكون باستخدام الطاقة النووية ، فنحتاج إلى 24 طناً فقط من اليورانيوم، بينما نحتاج إلى 3.1 مليوم طن من الفحم أو 2.4 مليون طن من النفط.
وأشار إلى أن إنتاج الطاقة باستخدام الوقود الأحفوري يساهم بِ % 65 من الغازات المتصاعدة التي تلوث الهواء ، بينما تعتبر الطاقة النووية طاقة نظيفة، و ليست لها أضرار بيئية.
وتطرق إلى التحديات التي تواجه البرنامج النووي الأردني المتمثلة في: استغلال خامات اليورانيوم، والتوليد، ودورة الوقود الأحفوري، وجاهزية الدولة، والتمويل.
وقد شارك في هذه الندوة عدد من الباحثين في مؤسسات متخصصة، أهمها الجمعية العلمية الملكية، هيئة الطاقة الذرية الأردنية، جمعية أصدقاء البيئة الأردنية، وجمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة، وبلغ عدد الحضور 80 شخصا، من باحثين وأكاديميين وطلاب ومهتمين من مجالات مختلفة.